التفريق للغياب في قانون الأحوال الشخصية السوري

ان التفريق بين الزوجين لعلة الغياب فيقع بحكم قضائي بناء على طلب الزوجة وهذا النوع من التفريق جاء ليرفع الضرر الواقع على الزوجة بسبب غياب الزوج عنها .

الفرق بين الغائب والمفقود :
الغائب اصطلاحا : هي انتقال الزوج الى بلد غير البلد الذي تقيم فيه الزوجة واقامته فيه مدة طويلة تتضرر زوجته فيها من بعده عنها وحياته معلومة واخباره موصولة ولو اجمالا .
ولايقصد بإقامة الزوج في بلد آخر اقامته في دولة أخرى وانما يكفي اقامته في غير موطن الزوجة بإحدى المدن او القرى .
أما تعريف الغائب قانونا فقد نص قانون الأحوال الشخصية على انه يعتبر كالمفقود الغائب الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع الى مقامه او إدارة شؤونه بنفسه او بوكيل عنه مدة تزيد عن سنة وتعطلت بذلك مصالحه ومصالح غيره , فالتفريق للغيبة هو حق شرعي للمرأة بطلب الافتراق عن زوجها قضاء بسبب ضرر يلحق بها لغيابه عنها مدة معلومة او هجره لها
اما المفقود اصطلاحا فيعرف بأنه الذي غاب عن اهله وبلده او أسره العدو ولم يدر أحي هو أم ميت فلا يعلم مكانه ومضى على ذلك زمن فهو معدوم بهذا الاعتبار.
أما قانونا فهو كل شخص لاتعرف حياته او مماته او تكون حياته محققة ولكن لايعرف له مكان فالمفقود يدخل في تعريف الغائب لكنه أخص .
آراء الفقهاء في التفريق للغياب :
ومن الفقهاء من قال بعدم جواز التفريق للغياب كالحنفية الذين ذهبوا الى عدم جواز التفريق للغياب مطلقا طالت المدة أم قصرت حتى يتبين موته او فراقه لها او يحكم القاضي بموته , أما الشافعية فلم يجيزوا التفريق الا اذا وجدت من النفقة مايكفيها فلا يجوز التفريق عندهم الا بسبب الاعسار .
أما الفقهاء الذين قالوا بجواز التفريق للغياب كالمالكية الذين ذهبوا الى جواز التفريق اذا تضررت المرأة بغياب زوجها الطويل او خشيت الوقوع في الزنا سواء كان غيابه بعذر ام بغير عذر .
التفريق للغياب أهو طلاق أم فسخ :
اعتبر الحنابلة التفريق للغياب فسخا بينما اعتبره المالكية طلاقا بائنا ,
فالفسخ عند الحنفية والمالكية : هو رفع العقد من أصله كأنه لم يكن في المستقبل دون الماضي .
اما الفسخ عند الشافعية والحنابلة : هو رفع للعقد من حيث الفسخ لا من أصله .
فالفسخ هو هدم ونقض للعقد مطلقا , اما الفرق بين الفسخ والطلاق :
1.الفسخ يوقعه القاضي دون احتساب عدد الطلقات اما الطلاق فيوقعه الزوج ويحسب عدد الطلقات .
2.حقيقة الطلاق توجب انهاء الزواج وتقرير الحقوق السابقة ولايكون الافي النكاح الصحيح اما الفسخ فهو عارض يمنع بقاء النكاح او يكون تداركا لأمر اقترن بالانشاء جعل العقد غير لازم مثاله ردة احد الزوجين .
3.الفسخ نقض للعقد من الأصل وجعله كأن لم يكن اما الطلاق فهو انهاء للعقد في المآل او الحال ولايزيل الحل الا في حالة البينونة الكبرى .
4.الفسخ يكون اما بسبب حالات طارئة على العقد تافي الزواج كردة الزوجة , او حالات مقارنة كأحوال خيار أولياء المرأة التي تزوجت من غير كفء اما الطلاق فلا يكون الا بناء على عقد صحيح لازم .
5.الفسخ قبل الدخول لايوجب للمرأة شيئا من المهر اما الطلاق قبل الدخول فيوجب نصف المهر المسمى فإن لم يكن المهر مسمى استحقت المتعة .
شروط التفريق لعلة الغياب :
1.غياب الزوج عن زوجته لاكثر من سنة او الحكم بحبسه ثلاث سنوات حيث اعتبر القانون السوري السجن نوع من أنواع الغياب
2.ان تتقدم الزوجة بدعواها بعد سنة من الغياب وبذلك فقد ترك المشرع فرصة لعودة الزوج خلال هذه السنة ,او بعد ستة اشهر إن حكم عليه بالسجن لاكثر من ثلاث سنوات .
3.أن تثبت الزوجة تضررها من غياب زوجها عنها وذلك عن طريق تحليفها اليمين امام القاضي
4.لم يشترط المشرع وفق التعديل الأخير للقانون أن تكون غيبة الزواج بعذر ام بغير عذر مقبول كما كان قد نص على ذلك في قانون الاحوال الشخصية لعام 1953 .
وقد عد القانون الطلاق رجعيا قبل انتهاء العدة استنادا الى مذهب المالكية , كما أن القانون السوري لم يفرق بين غياب الزوج في مكان معلوم وبين غيابه في مكان غير معلوم ولم يذكر وجوب انذار الزوج وترك مدة كافيه له ليرجع الى زوجته حتى اذا انتهت ولم يأخذ زوجته اليه فرق القاضي بينهما .
أثر عودة الغائب او المفقود الى زوجته :
1.اذا عاد الزوج الأول قبل أن تتزوج زوجته فهي له عند كل المذاهب .
2.اذا عاد الزوج الأول بعد أن تزوجت زوجته وقبل دخول الثاني بها في زوجة الأول عند كل المذاهب .
3.اذا عاد الزوج الأول بعد ان تزوجت زوجته وبعد دخول الثاني بها فهنالك عدة اقوال :
أ. هي زوجة الأول عند الحنفية والشافعية في الجديد من قولهم .
ب. هي زوجة الثاني عند المالكية ولا سبيل للأول اليها .
ج. عند الحنابلة يخير الأول بين اخذها من الثاني او تركها وله المهر الذي دفعه لها من الثاني .
آثار التفريق للغيبة في القانون :
اعتبر المشرع السوري التفريق للغيبة تفريقا رجعيا أي انه يحق للزوج إعادة زوجته الى عصمته اذا ماعاد وكانت زوجته لاتزال في العدة الشرعية .
ان حق التفريق للغيبة هو حق للمرأة أما بالنسبة لمصير المهر قبل الدخول وبعد الدخول و الخلوة معا ففي ذلك حالتين :
الحالة الأولى : اذا وقعت الفرقة للغيبة بعد الدخول فإن هذا التفريق يعتبر طلاق رجعي بسخب المادة 109 وبالتالي فإن مؤجل المهر لايستحق الا بعد انقضاء العدة ومعلوم ان هذا التفريق لايكون الا لحظة النطق بالحكم.
الحالة الثانية : اذا كان التفريق للغيبة قبل الدخول والخلوة فيعتبر طلاق بائن بحسب المادة 94 ( كل طلاق يقع رجعيا الا المكمل للثلاث والطلاق قبل الدخول والطلاق على بدل ومانص القانون على كونه بائنا ) ,
تعيين وكيل قضائي :
فقد اوجب المشرع تعيين شخص ينوب عن المفقود والغائب وذلك حرصا على مصلحة الشخص المفقود او الغائب ومصالج من يتعامل معهم سواء كانوا دائنين ام مدينين او ورثة او زوجات .
وقد ثار الحلاف حول تمثيل الغائب امام المحكمة الشرعية بدعوى التفريق للغياب هل يحتاج الى وكيل قضائي ام لا, وفي ذلك يرى الأستاذ محمود المعرواي بصفته القاضي الشرعي الأول أن الزوج اذا كان غائبا فلا يحتاج لوكيل قضائي اما اذا كان الزوج مفقودا فيجب توجيه الخصومة الى الوكيل القضائي وهذا يستتبع التفريق عند رفع الدعوى بين احكام الغائب واحكام المفقود .
وفي ذلك نلاحظ ان التفريق للغياب جاء مواكبا لأحداث وتطورات السنوات الأخيرة بسبب سوء الأوضاع الأمنية ومايتبع ذلك من ازدياد في حالات غياب الأزواج عن زوجاتهم وماخلفه من ضرر جسيم على الزوجة ماديا ومعنويا وبالتالي ازدياد نسب حالات الطلاق في مجتمعنا السوري بشكل كبير حيث لوحظ تزايد اعداد دعاوى التفريق لعلة الشقاق وفي الواقع ينطبق عليها شروط دعوى التفريق لعلة الغياب .

Scroll to Top