مشروع دراسة حول قانون و محكمة الارهاب المشكلات و الصعوبات و الإقتراحات

مشروع دراسة حول قانون و محكمة الارهاب المشكلات و الصعوبات و الإقتراحات

توصيف الوضع الحالي لمحكمة الارهاب:
أنشئت محكمة الإرهاب نتيجة لظروف استثنائية يمر بها الوطن ، لمعالجة أوضاع القائمين بأعمال إرهابية تهدد البنية الطبيعية للوطن بكل مقوماته ، إلا أن هذه المحكمة لم تكن محكمة استثنائية أو وقتية بل أنشئت  لتمارس مهامها بشكل دائم و مستمر ، ولكن ظروف تشكيل المحكمة  جعلتها محط أنظار الناس داخل الوطن و خارجهّ ومن مختلف الأطياف  و التوجهات ، لذلك كان لهذه المحكمة أهمية استثنائية في ظل ظروف استثنائية .
شاب عمل هذه المحكمة كثير من الإشكاليات سببها سرعة تشكيلها الذي جاء على نحو مفاجئ، منها ما  يخص العاملين فيها و منها ما هو متعلق بطبيعة عمل المحكمة ذاتها و أخرى تتعلق بمراجعي هذه المحكمة وروادها , كما عدّت بعض هذه المشكلات ذريعة لوصم المحكمة كونها محكمة أمنية استثنائية مشكلة لغرض آني و مرحلي ، و سنلقي في هذه الدراسة المقتضبة الضوء على بعض المشكلات التي تهم المراجعين لهذه المحكمة ، سواء من المتهمين و ذويهم أو الأساتذة المحامين .
مشاكل وصعوبات تواجه المراجعين :
تحديد وقت معين للمراجعين والمحامين:
تحديد أوقات المراجعة : (المراجعون من 10-11والمحامون بعد11) وهو وقت غير كاف بطبيعته  أمام المراجعين ، لكونه ساعة واحدة ويشكل عائقاً أمامهم و قد يؤدي إلى ابتزازهم واستغلالهم من قبل بعض المحامين ضعاف النفوس ، من دون تحقيق الفائدة المرجوة منه كونه إذ لا يتم إخراج المراجعين من المحكمة بعد الساعة 11 وبالتالي يمكن أن يعدّ هذا الأمر مأخذاً على المحكمة من دون أن يكون له جدوى فعلية .
تفتيش المحامين في أثناء دخولهم :
حيث يتم تفتيش المحامين جسدياً إضافة إلى تفتيش حقائبهم و في ذلك مخالفة قانونية إذ إن قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم30 لعام 2010 نص في المادة /78/ على أنه لا يجوز تفتيش المحامي في أثناء عمله وهو ما يمكن أن يثير حفيظةبعض المحامين ويعدّ مأخذاً على المحكمة وطبيعتها و قانونية عملها .
مشكلة البحث والعثور على اسم الموقوف لدى ديوان النيابة :
يشهد سجل ( الموجوداً )  ازدحاماً كبيراً، إذ إن جميع المراجعين والمحامين يريدون البحث عن اسم موقوفهم، ولا يوجد سوى سجل واحد يبحث فيه الجميع مما يشكل ضغطاً كبيراً وعبئاً ثقيلاً على المحامي والمراجع , خاصة وأن البحث في هذا السجل عن اسم الموقوف هو أول إجراء يشرع فيه لدى المحكمة ،وهو نقطة الانطلاق لباقي الإجراءات , لذلك يشهد هذا السجل إقبالا كثيراً خاصة وأنه السجل الوحيد، الأمر الذي يؤدي إلى تزاحم شديد و استحالة الحصول على النتيجة بسبب العدد الكبير والحاجة الماسة لهذا السجل .
إخلاء السبيل والمراجعة أمام قاضي التحقيق :
يتم تحديد يوم واحد في كل أسبوع لتقديم إخلاءات السبيل، و الطلبات والمذكرات والمراجعات أمام قاضي التحقيق ، يضاف إلى ذلك تأخر البت بطلبات إخلاء السبيل نتيجة الأعداد الكبيرة الموقوفين، وهو أمر يثير استياء المراجعين و يظلم الأبرياء بسبب توقيفهم لفترة طويلة على لائحة الانتظار من دون سبب حقيقي ؟ و يجتمع الأهالي و المحامون في يوم واحد لتقديم طلباتهم و إلا يكون الانتظار للأسبوع القادم مصيرهم .

الأعداد الكبيرة للموقوفين والمحالين أمام هذه المحكمة وقلة عدد القضاة والهيئات :
هذا الأمر  يؤدي إلى  تأخر البت والفصل في الدعاوى أو الانتظار في دور كبير أمام النيابة لوصول الملف إليها والبت فيه، مما يشكل ضغطاً على النيابة وقضاة التحقيق . ونتيجة لذلك يتأخر البت في الأمر ويبقى  الموقوف  فترات طويلة ريثما يُبت بأمره أو يحين دوره ، على اعتبار أن هذه هي المحكمة الوحيدة في الجمهورية العربية السورية التي تنظر في هذا النوع من القضايا .
استغلال المراجعين :
ينجم عن هذا الوضع استغلال  الذي يتعرض له المراجعون  من قبل بعض أصحاب النفوس الضعيفة نتيجة استغلالهم للظروف والإجراءات أمام المحكمة وتعقيداتها و ما ينتشر من إشاعات حول التخوف من مراجعة المحكمة .
تأخر وصول قرارات الترك أو إخلاءات السبيل إلى السجن لتنفيذها :
يُلاحظ تأخر وصول قرارات الترك أو إخلاءات سبيل الموقوفين إلى السجن لتنفيذها ،حيث يوجد وقت ( قد يصل إلى أسبوع أحياناً ) بين صدور القرار و تنفيذه، الأمر الذي يتيح لبعضهم الاستفادة من هذا الوقت لابتزاز المواطن ، حيث يكون المستغل على علم بصدور قرار الترك أو إخلاء السبيل فيبتزصاحب الحاجة ( بالادعاء أن بإمكانه إخلاء سبيله مقابل مبلغ معين ) ويكون في الأصل  قد صدر القرار بتركه أو إخلاء سبيله ولكن تأخر التنفيذ و وصول القرار إلى محل التوقيف يتيح  إمكانية هذا الاستغلال .
ضعف إمكانيات المحكمة ، سواء من الكادر البشري ( قضاة وموظفون ) أو من حيث الإمكانات المادية المخصصة للمحكمة :
فالمحكمة تعاني نقصاً واضحاً في عدد القضاة و الموظفين و التجهيزات اللازمة لقيامها بعملها على وجه السرعة و الكفاءة المطلوبة
هذه أبرز الصعوبات والمشاكل التي يواجهها المراجعون، وتعد مسألة العثور على اسم الموقوف وإخلاءات السبيل و الازدحام من أكثر المشاكل  التي تهم بالدرجة الأولى غالبية المواطنين المراجعين لهذه المحكمة و تؤدي إلى إرهاق أجهزة أخرى في الدولة نتيجة الصعوبة في معرفة مكان الموقوفين ومصيرهم .

– اقتراحات وحلول تسهم في حل بعض الصعوبات
اعتماد نظام النافذة الواحدة :
تطبيقاً لمراسيم سابقة تضمنت الحديث عن تعميم نظام النافذة الواحدة على كل وزارات الدولة ، يتيح استخدام هذا النظام التخلص من الكثير من المشكلات التي تعيق عمل محكمة مكافحة الارهاب .
وفقاً لهذا النظام يخصص مكان ضمن المحكمة و خارج غرفها لاستقبال المراجعين من غير أصحاب الدعاوى من أهالي الموقوفين و المحامين الراغبين بالاستعلام عن الموقوفين و تعطي هذه النافذة معلومات محددة بحسب المتاح لها و المسموح لهم الاطلاع عليها ، مثل البحث عن اسم الموقوف و معلومات عن مكان توقيفه و التهمة الموجهة إليه و المرحلة التي وصلت إليها الدعوى ، ومتابعة إخلاءات السبيل من حيث امكانية تقديمها و المرحلة التي تمر بها و نتيجتها ( قبول أو رفض ) .
وبذلك نكون قد تجاوزنا مشكلة الازدحام و الفوضى داخل المحكمة و خارجها و ازدحام  المواطنين على أبواب المحكمة وإشغال القضاة والموظفين بالمراجعات و عدم امكانية الحصول على المعلومات الصحيحة و استغلال ضعاف النفوس .
و يمكن تقسيم النافذة الواحدة إلى قسمين: قسم للمحامين و قسم للمراجعين و يحقق هذا العمل عدة فوائد منها تسجيل أسماء المراجعين والمحامين بطريقة غير مباشرة و تخفيف عدد الموظفين الإداريين داخل المحكمة و تنظيم طريقة المراجعة و الانتظار مما يعطي مظهراً حضارياً وتنظيماً راقياً ينسجم و سمات المرحلة القادمة للوطن ، يرتبط تحقيق هذا الحل بتطبيق بعضٍ من المقترحات التالية ليكون منظومة منظمة وحضارية لتعامل محكمة الإرهاب مع المواطنين و المحامين .
تأمين مكان للانتظار داخل المحكمة وأماكن جلوس فيها :
يحتشد عادة أهالي الموقوفين أمام باب المحكمة وهو منظر غير حضاري ويعطي انطباعا سيئاً عن المحكمة ، ويمكن إذا فعّلنا نظام النافذة الواحدة أن يكون لها صالة للانتظار  تنظم فيها المراجعات من خلال دور رقمي إلكتروني كما هو معمول به في قسم التوثيق في وزارة الخارجية .
إيجاد مكتب استعلامات :
يقوم هذا المكتب بإرشاد المواطنين إلى المكان الذي  يجب عليهم التوجه إليه ، الأمر الذي يخفف العبء على الموظفين ويسهم في حماية المراجعين من الاستغلال والابتزاز. ويمكن وضع مكتب الاستعلامات هذا خارج المحكمة ، وذلك لتخفيف العبء والازدحام داخل المحكمة. ويناط بهذا المكتب مهمة توجيه المراجعين إلى النافذة الواحدة أو السماح لمن له أو لذويه دعوى أو مراجعة جدّية الدخول إلى المكان المطلوب من دون غيره من المراجعين أو الزائرين .
أتمتة سجلّي” الموجوداً و الأبجدي ” :
تتم أتمتة هذين السجلين عن طريق الحاسب ( كما في القضاء العسكري ) إذ إنهما يشهدان إقبالا  شديداً ويشكلان نقطة أساسية للبدء بأي عمل داخل المحكمة و الطريق الوحيد للتأكد من وصول ملف الموقوف إليها، لذلك يمكن استبدالهما بالحاسب ، و يمكن أن تتم المراجعات في النافذة الواحدة حصراً .
أتمتة قرارات إخلاء السبيل :
بدلاً من أن يتم تعليق الأسماء على الحائط ، أو أن يتم الضغط على قضاة التحقيق ومراجعتهم بشأن إخلاء السبيل ، توضع البيانات على الحاسب في ديوان التحقيق لتقديم الطلبات  إليه ،وتتم مراجعة هذا القسم لمعرفة نتيجة إخلاء السبيل عن طريق البحث على الحاسب أو في قسم النافذة الواحدة .
انشاء مكتب لنقابة المحامين في المحكمة :
وذلك لتنظيم الوكالات للمواقيف وتأمين زيارات المحامين و موكليهم  للسجناء كما هو الحال في القصر العدلي ،على أن يتم ذلك تحت رقابة وضبط شديدين ، و يمكن وضع هذا المكتب في محكمة النقض، كون المحكمتين مشتركتين بالبناء .
تمكين المحامين من الاطلاع على الأضابير وتصويرها :
لكي يصبح ذلك متاحاً بشكل أكبر يشترط وجود وكالة للمحامي وتقديم طلب تصوير والموافقة عليه من القاضي . ويتم التصوير من قبل الموظف ذاته ضمن قسم للتصوير محدث داخل المحكمة من دون تدخل المحامي والمراجع في هذا الأمر ، حيث إن اطلاع المحامي وتصوير الملف هو حق له لا يمكن إنكاره مرتبط بحق الدفاع الدستوري، و يمكن ضبط هذا الموضوع وإيجاد آلية له نظرا لحساسية قضايا الإرهاب فيسمح بذلك  بعد تقديم طلب أصولي وفق ما ذكرنا.
زيادة عدد القضاة :
إما بإنشاء غرف متعددة أو بزيادة عدد القضاة ضمن الغرفة الواحدة . ويمكن تخصيص قضاة للنظر في مواضيع إخلاءات السبيل ، وقضاة للبت في القضية ضمن الدائرة الواحدة لأن مشكلة التوقيف هي من أبرز القضايا التي تهم المراجعين و تشكل الازدحام في المراجعات.
زيادة إمكانيات المحكمة :
سواء بالعنصر البشري( قضاة وموظفون ) أو بالعناصر المادية للمحكمة ، وذلك من خلال زيادة إمكانياتها وتخصيص ميزانية واعتمادات مادية أكبر لها لتغطية جميع احتياجاتها الضرورية لتحقيق أهدافها .
تأمين اتصال وتواصل ومتابعة بين محكمة الإرهاب وإدارة السجن، وبخاصة فيما يتعلق بقرارات الترك وإخلاءات السبيل .
إنشاء فرع أمن متخصص في قضايا الإرهاب في كل محافظة و انتداب قاضي نيابة عامة فيه :
يحتاج الحكم في الدعوى الجزائية  إلى أدلة ( ضبط الشرطة – الشـهود – الخبرة في بعض الأحيان )  وتكون عادة متوافرة في الدعوى العادية ، أما في قضايا الإرهاب فان هذه الأدلة تكون غير متوافرة ، باســــتثناء الضبط الذي يعتبر الدليل الوحيد المعول عليه , لذلك يجب أن يكون هذا الدليل محصناً وأن يشـــكل دليلاً حقيقياً يمكن الاســـتناد إليه  للحكم في الدعوى , لذلك فإن من الضروري أن ينظم بطريقة قانونية أصولية من خلال قاضي النيابة المنتدب ، الأمر الذي يحقق كثيراً من النتائج الجيدة لعمل المحكمة ، و يخفف الضغط على نيابتها الموجودة فقط في مقر المحكمة، والتي تحال إليها جميع القضايا و الضبوط من كل الجهات الأمنية و الشرطية في كل المحافظات ، إضافة إلى حل مشكلة إحالة الضبوط إلى النيابة العامة العادية أو العسكرية في المحافظات ثم اعادة إحالتها إلى نيابة محكمة مكافحة الارهاب , الأمر الذي يستغرق الكثير من الوقت من دون فائدة عملية تذكر .
و يحل هذا المقترح أيضاً مشكلة تمديد التوقيف حيث يكون لقاضي النيابة المنتدب امكانية تمديد التوقيف كلما دعت الحاجة إلى ذلك في مكان التوقيف نفسه من دون إحالة الأوراق للنيابة المركزية ، الأمر الذي يحقق تطبيقاً صحيحاً لآليات التوقيف.
و تحقق هذه الآلية امكانية استجواب قاضي النيابة المنتدب للمتهم ضمن مكان التحقيق الأولي من دون نقله إلى نيابة محكمة الارهاب في دمشق ، ومن ثم اعطاء الوصف الجرمي الدقيق للأفعال المحقق بشأنها وبخاصة من حيث اعتبارها أعمالاً إرهابية بحسب توصيف قانون الارهاب و إعطاء القرار بإحالته إلى محكمة الارهاب أم إلى محكمة أخرى .

مناقشة في قانون الإرهاب وقانون محكمة الإرهاب:
أولاً: معايير في قانون الارهاب :
يؤخذ على قانون الإرهاب أنه قانون فضفاض ويحمل معانٍ واسعة الدلالة وذلك من خلال أن تعريف العمل الإرهابي جاء واسعاً وكبيراً ويحمل معانٍ كثيرة يمكن إضفاء هذا التعريف على أفعال لا تشكل فعلياً أعمالاً إرهابية بالمعنى المقصود منها , كما تم ربط باقي المواد بمفهوم العمل الإرهابي الذي هو غير محدد أساسا، فمثلاً تعريف المنظمة الإرهابية : هي كل جماعة مؤلفة من ثلاث أشخاص ………. بهدف ارتكاب عمل إرهابي ، كذلك الفقرة 2 من المادة/4/يعاقب بالإشغال الشاقة …… كل من تدرب أو درب شخصاً أو أكثر على استعمال المتفجرات ….. بقصد استعمالها في تنفيذ عمل إرهابي ,المادة/5/يعاقب بالأشغال الشاقة ……… من قام بتهريب أو تصنيع أو حيازة أو سرقة أو اختلاس الأسلحة …. بقصد استخدامها في تنفيذ عمل إرهابي , مادة/8/ يعاقب بالأشغال الشاقة ……. من قام بتوزيع مطبوعات أو المعلومات المخزنة ……. بقصد الترويج لوسائل الإرهاب أو الأعمال الإرهابية…… .
إذن نلاحظ أن أغلب المواد ترتبط بمفهوم العمل الإرهابي والذي يؤدي إلى توسيع دائرة الأفعال التي يشملها هذا القانون لتطال أي فعل من خلال ربطه بمفهوم العمل الإرهابي والذي هو في الأساس واسع وغير محدد المعنى، وبالتالي يمكن أن يطال ذلك أفعالاً غير إرهابية ، ولكن بربطها بهذا المفهوم الواسع تصبح مشمولة بهذا القانون وهو أمر لا يحقق الغاية المتوخاة من قانون الإرهاب الذي وضع للتخصص بقضايا الإرهاب .
إضافة إلى تداخل معنى العمل الإرهابي مع جرائم لا تحمل بطبيعتها قصد الإرهاب، ولكن بإسقاط تعريف العمل الإرهابي المذكور في هذا القانون على هذا الفعل يمكن أن يطاله ويعتبر عملاً إرهابياً
مثلاً: تعريف العمل الإرهابي أنه كل فعل يهدف إلى إيجاد حالة من الذعر بين الناس ويرتكب باستخدام الأسلحة أو الذخائر ….هذا التعريف يمكن أن يتداخل مع جرم السلب بالعنف
ثانياً: تأثيرات القانون على طبيعة عمل محكمة مكافحة الإرهاب :
1- في عدم انتظام المعايير :
أ  )  جاء في المادة الثالثة من قانون الإرهاب رقم 22 لعام 2012 ( تختص المحكمة المحدثة بالنظر في جرائم الإرهاب وفي الجرائم التي تحال إليها من النيابة العامة الخاصة بالمحكمة ) فلا يوجد تعريف محدد لجرائم الإرهاب ولا يوجد معيار لاعتبار جريمة ما فيما إذا كانت جريمة إرهابية أم لا، حيث أن تعريف قانون الإرهاب جاء للعمل الإرهابي وليس  للجريمة الإرهابية فالأمر عائد أذن إلى تقدير النيابة العامة من دون وجود معيار تتقيد به وإن فتح الباب أمام النيابة بهذا الشكل فإنه يؤدي إلى إعطائها صلاحيات واسعة ومن دون محددات لها أو وجود رقيب عليها.
ب) لا يوجد تعيين للجهة التي تحدد فيما إذا كانت هذه الجريمة إرهابية أم لا، هل هي النيابة العامة أمام محكمة الإرهاب أم النيابة العادية وما الحل فيما إذا حصل تنازع على الاختصاص؟ مثلاً: كأن تقول النيابة العادية على جرم ما أنه جرم إرهابي وتحيله إلى نيابة الإرهاب ثم تقول نيابة الإرهاب، إن هذا الجرم ليس إرهابياً.
ج ) إن تحديد المعيارين السابقين ( العمل الارهابي – الجريمة الارهابية ) لابد أن يراعي الأهداف المطلوبة من محكمة الارهاب ، هل هي خاصة بكل متعلقات الأزمة الحالية مثل التظاهر و تحريض الجمهور أم أنها خاصة بالأعمال التي تؤدي إلى نتائج مادية و كوارث و إثارة الذعر مثل التفجيرات والاعتداءات المسلحة ، لذلك كان لابد من تحديد قانوني دقيق لطبيعة المعيارين حتى لا تتضارب الأحكام باختلاف الأشخاص و أهوائهم .
2- في الاجراءات و الضوابط على عمل المحكمة:
المادة /7/ من قانون محكمة الإرهاب ( المحكمة لا تتقيد بالأصول المنصوص عنها في التشريعات النافذة وذلك في جميع أدوار وإجراءات الملاحقة والمحاكمة ) .
هناك فرق بين إجراءات الملاحقة وإجراءات المحاكمة ،حيث أن الملاحقة تكون للنيابة العامة وقضاة التحقيق وأجهزة الضابطة العدلية ( أجهزة الأمن في قضايا الإرهاب ) بينما المحاكمة تتم أمام المحكمة ، فهل عدم التقيد يشمل التحقيق والنيابة وأجهزة الأمن أم المحكمة فقط ؟هذا الأمر  يؤدي إلى الوقوع في الالتباس حيث أن المادة ذكرت: لا تتقيد المحكمة ،وانتهت المادة بإجراءات الملاحقة والمحاكمة، فهناك تناقض حيث أن الملاحقة لا تتم من قبل المحكمة . فهل يشمل ذلك النيابة والتحقيق والأمن أم يقتصر على المحكمة فقط ؟
إن إعفاء المحكمة من التقيد بالأصول هو أمر خطير وواسع ويبقى المتهم من دون ضمانات وحقوق ولا يوجد معيار بعدم التقيد هذا إضافة إلى أنه يعطي المحكمة صلاحيات وسلطات واسعة.

الطعن بقرارات قاضي التحقيق :
إن مهمة قاضي التحقيق في القضية هي استجواب المتهم والاستماع إلى الشهود وإجراء الخبرة وغيرها من إجراءات التحقيق وبعد الانتهاء من التحقيقات يصدر قراره باتهام المتهم ومحاكمته أمام المحكمة المختصة أو منع محاكمته إن كانت الأدلة غير كافية ، وقراراته قابلة للاستئناف أمام قاضي الإحالة . ويعتبر  قاضي الإحالة مرجعاً استثنائياً لقرارات قاضي التحقيق والإحالة إلى محكمة  الجنايات وقراراته قابلة للطعن أمام محكمة النقض وقد قضت الفقرة ب  من المادة الثانية من قانون محكمة الإرهاب على أن يقوم قاضي التحقيق بمهام قاضي الإحالة ( والمقصود بذلك الإحالة إلى محكمة الإرهاب ) ولكن سكتت عن قابلية قراراته للطعن : هل تخضع للطعن كما هو الحال  بالنسبة لقرارات قاضي الإحالة في القضايا العادية أم أنها تكون مبرمة وغير قابلة للطعن ؟ ومن خلال الواقع العملي ولدى الطعن بقرارات قاضي التحقيق قضت محكمة النقض برد الطعن الوارد على قرارات قاضي التحقيق وبالتالي قراراته غير قابلة للطعن .
ومما لاشك فيه أن عدم قابلية قرارات قاضي التحقيق للطعن يشكل أمراً خطيراً حيث يؤدي إلى الإخلال بضمانات المتهم وحقوقه وإلى الإخلال بنظام التقاضي على درجتين و بحق الطعن، وقد يؤدي إلى تسلط قاضي التحقيق واستبداده  .
طول مدة التوقيف الاحتياطي قبل صدور قرار الترك :
تعريف التوقيف الاحتياطي : يعرف الفقهاء التوقيف الاحتياطي بأنه إجراء استثنائي يسمح لقضاة النيابة العامة والتحقيق والحكم كلٌ فيما يخصه أن يصدر أمراً بوضع المتهم في السجن لمدة محدودة خلال فترة التحقيق وقبل صدور قرار نهائي بالدعوى بناء على أدلة كافية وأسباب موجبة لهذا الأمر .
وعلى ضوء ذلك فإن التوقيف الاحتياطي ليس عقوبة ولا يجوز النظر إليه كذلك وإنما هو إجراء استثنائي محاط بضوابط وضرورات معينة ، وبالتالي لا يجوز عند تقريره النظر إلى نوع الجريمة أو جسامتها وإنما إلى ضرورته والحاجة إلى اتخاذ مثل هكذا إجراء ، فليس كل من نُسب إليه ارتكاب جريمة في مستوى معين من الخطورة يجب أن يوقف حتى ولو كانت عقوبته الإعدام ، فلابد لكي تسلب من شخص حريته أن تكون هناك دلائل كافية ضده بارتكاب الجريمة وهنا يبرز دور القاضي بالمقارنة بين أدلة الدفاع وأدلة الاتهام والترجيح بينهما
والتوقيف الاحتياطي يكون على نوعين : توقيف من قبل عناصر الضابطة العدلية إلى أن يتم إحالته إلى القضاء وتوقيف من قبل القضاء (نيابة عامة أو تحقيق أو حكم ) بعد إحالة المتهم إليه . والتوقيف الاحتياطي من قبل الضابطة العدلية لا يجوز أن يتجاوز 60يوماً حسب المرسوم رقم 55 لعام 2011 إلا أن الذي يحدث الآن هو تجاوز مدة التوقيف في بعض الحالات هذه المدة وبالتالي يعد التوقيف هنا غير قانوني وباطلاً .
إن لطول مدة التوقيف عدة آثار سلبية ،منها أنه إذا تجاوز 60 يوماً يكون باطلاً وغير قانوني ، و يشكل اعتداء على الحرية الشخصية، خاصة وإن كان لا يستند إلى اعتباراته المحددة له في القانون، ولا سيما في حال صدور قرار بالبراءة أو الترك كون الفعل لا يشكل جريمة بعد توقيف طال أمده  ، و يعتبر نقطة سلبية ومأخذاً على الأجهزة التي تقوم بالتحقيق وبخاصة إذا كان غير قانوني وفق ما ذكرنا .

الحلول و المقترحـــــــات :
وضع معيار للعمل الإرهابي ووضع تعريف دقيق له إضافة إلى تحديد الأفعال التي يمكن اعتبارها عملاً إرهابياً وتحديد أركان وشروط التجريم وتحديد العقوبات لكل فعل منها ، وضع معيار لتحديد الجرائم الإرهابية ومعيار لاختصاص محكمة الإرهاب وما هي الجرائم التي يراد المحاكمة بها .
وضع أصول وقانون إجراءات خاص بهذه المحكمة يشمل إجراءات المحاكمة والتحقيق والأصول المتبعة أمام المحكمة والاستثناءات المعفاة منها .
تصحيح مفهوم التوقيف الاحتياطي بنظر القضاة المعنيين بإخلاء السبيل وتصحيح الاعتبارات التي يتم التوقيف الاحتياطي لأجلها وجعلها هي الأساس .
تحديد مرجعية للطعن بقرارات إخلاء السبيل .
زيادة عدد القضاة وتخصيص قضاة معنيين وتفريغهم لمهمة النظر بالتوقيف الاحتياطي لتخفيف العبء والضغط .
تفعيل مبادئ الحصانة والاستقلالية وتأمينها للقضاة لإصدار قرارهم في هذا الشأن من دون الأخذ بأي اعتبار سوى نزاهة القاضي وضميره .
تقيدّ جهات التوقيف بالقانون وبخاصة بالمدة المحددة للتوقيف .

هذه بعض المشكلات و الحلول التي قمنا بجمعها من خلال الدراسة القانونية و الميدانية لعمل محكمة مكافحة الارهاب بعد استقراء آراء المراجعين والعاملين في المحكمة ، آملين أخذها بعين الدراسة و العناية لتحقيق أفضل النتائج لهذا العمل من خلال ضوابطه القانونية والحقوقية ضماناً لسير العمل و حقوق المواطنين .

Scroll to Top