عقد تقديم المعونة و مبدأ شيوع الموازنة

عقد تقديم المعونة و مبدأ شيوع الموازنة
عقد تقديم المعونة هو عقد يلتزم بمتقتضاه شخص من اشخاص القانون الخاص أو العام بالمساهمة نقدا أو عينا في نفقات المرفق العام أو أشغال عامة مثال عرض أحد الاشخاص تقديم آلات طبية لصالح مشفى عام وهنا في حال قبول الإدارة ينعقد بينهما عقد تقديم المعونة وبالتالي فإن المتعهد لايملك الرجوع عن عرضه متى صدر القبول من الإدارة وبخلاف ذلك فإنه يملك سحب عرضه مالم يصدر القبول من الإدارة المتعاقدة . وكذلك في حال وفاة المتعهد قبل قبول الإدارة فإن التزامه بتقديم المعونة لايسقط بل ينتقل إلى الورثة ويستطيع الورثة في هذه الحالة سحب العرض المقدم من قبل المتعهد قبل قبول الإدارة. بخلاف عقد الهبة المدنية. وإن عقد تقديم المعونة هو عقد ملزم من جانب واحد فالإدارة ليست ملزمة بالقيام بالمشروع حتى ولو قبلت العرض صراحة بل انها  تملك العدول عنه إذا قدرت أنه لايتفق مع الصالح العام وبناء على ذلك فإنه لايمكن مساءلتها بناء على خطأ تعاقدي في حال عدلت عن توقيع العقد .
ونظرا للطبيعة الخاصة لعقد تقديم المعونة وكونه يشكل إيراد من إيرادات الدولة في بعض القطاعات العامة فإن ذلك يستوجب البحث في العلاقة مابين عقد تقديم المعونة ومبدأشيوع الموازنة الذي يقصد به ” بأن تجمع جميع الإيرادات التي تدخل خزينة الدولة العامة في كتلة واحدة دون التمييز في مصدرها وبالتالي عدم تخصيص مورد ما بنفقة معينة .” كمثال إيرادات ضريبة السيارات لاتخصص لصيانة الطرقات بل تكون جزء من الإيرادات العامة وتوجه لنفقات الدولة ككل .

العلاقة بين عقد المعونة ومبدأ شيوع الموازنة
إن البحث في العلاقة مابينهما يستدعي المقارنة بين حالتين :
أولا : بالنسبة للجهات العامة ذات الطابع الإداري ووحدات الإدارة المحلية ومديريات الأوقاف  فقد نص المشرع صراحة على اعتبار ما يقدمه الافراد أو الاشخاص المعنويون للمساهمة في النفقات العامة ، من إيرادات الدولة العامة حسب نص المادة /20/ من المرسوم /488/ لعام /2007/ الناظم للشؤون المحاسبية والمالية للجهات العامة ذات الطابع الإداري ووحدات الإدارية المحلية ومديريات الأوقاف على مايلي:
” تعتبر من موارد الدولة جميع الاموال التي يقدمها الافراد أو الاشخاص المعنويون لأجل المساهمة في نفقات ذات النفع العام دون أن يحددوا لإنفاقها وجها خاصا ,أما إذا حدد هؤلاء الاشخاص جهة الإنفاق فتؤخذ المبالغ المدفوعة إيراد في الموازنة وتصرف دون اعتماد خاص وفقا لإرادة الواهب أو الموصي مالم تعارض النظام العام” وبذلك اعتبر المشرع السوري هذه الإعانات المقدمة للمرفق العام من موارد الدولة أي تدخل في كتلة الإيرادات ونص احتراما لإرادة المتعاقد مع الدولة الراغب بتوجيهها إلى نفقة معينة أن تصرف  هذه الإعانات دون اعتماد خاص وفقا لإرادته  وبتفويض خاص صادر عن وزير المالية كما ورد في المادة /5/ من المرسوم نفسه .
ثانيا: أما بالنسبة للجهات العامة ذات الطابع الاقتصادي والجهات ذات الموازنات الخاصة : والتي تعد في الاصل استثناء من مبدأ شيوع الموازنة  فإنها تنظم موازنتها بطريقة تختلف عن الموازنة العامة للدولة نظرا لطبيعة نشاطها وكونه يشبه نشاط الافراد, فإنه يبقى أمر قبول الهبات والمساهمات العينية والنقدية والتصرف بها وفقا لإرادة مقدمها أكثر سهولة كون التصرف بهذا الإيراد يتم بعيدا عن الموازنة العامة للدولة ,حيث يجري تخصيص أموال المساهمات والهبات للغايات التي قدمت لأجلها.
ولابد من الاشارة إلى أن كل ماسبق ينطبق في حال كان محل تقديم المعونة مبلغا معينا من المال ,إما إذا كان ينصب على شيء عيني وهو مالم بتعرض له المشرع السوري بنص واضح ففي هذه الحالة يبقى التخصيص أمر لامفر منه وفق رأي البعض ، بينما يرى الآخرون بإنه بالإمكان تقدير قيمة الشيء وإدخاله  في إيرادات العامة للدولة ,وإخراج مبلغ مساو لها من النفقات (نفقة دون اعتماد ) كثمن لهذا الشيء العيني . ويبقى الامر في ذلك عائدا للسلطة التقديرية للإدارة التي يجب أن تتصرف بمايحقق المصلحة العامة .
بقلم المحامية آية البداوي

Scroll to Top