عقد الإذعان والعقد الإداري:

عقد الإذعان والعقد الإداري:
عقد الإذعان  (أو مايسمى عقد الانضمام في فرنسا) : اتفاق يتم بين إرادتين متطابقتين محله تقديم سلعة تم احتكارها احتكاراً قانونياً أو فعلياً أو خدمة ضرورية للجمهور  , ويتم بصدور الإيجاب من الطرف المحتكر للسلعة أو مقدم الخدمة وصدور القبول من الطرف المستفيد من السلعة أو الخدمة المقدمة .
وإن القابل للعقد هنا لا يصدر قبوله بعد إجراء المناقشات والمفاوضات مع الموجب بل هو في موقفه من الموجب لايملك إلا أن يأخذ أو أن يدع وحريته تنحصر في قبول التعاقد أو رفضه .ولما كان في أغلب الحالات في حاجة للتعاقد على شيء لاغنى له عنه فهو مضطر إلى القبول ، فرضاؤه موجود ولكنه مفروض عليه ومن هنا سميت هذه العقود بعقود الإذعان .
وهذا بالنسبة لعقد الإذعان أما العقد الإداري فإنه عقد يبرمه شخص معنوي عام بقصد تسيير مرفق عام وتنظيمه ، وتظهر فيه نية الإدارة في الأخذ بأحكام القانون العام ويشترط أن يتضمن العقد شروطا غير مألوفة في القانون الخاص .
أما لجهة اختلاف  الطبيعة القانونية بين كلا العقدين : فيذهب بعض الفقهاء إلى أن عقد الإذعان لايعدو بكونه تصرف قانوني من جانب واحد لأن الإدارة هي التي استقلت بوضع شروط العقد ثم فرضته فرضا على المتعاقد الذي كان قبوله مجرد إذعان وانصياع  له وهم فقهاء القانون العام .
وهناك من يذهب إلى القول  بأن عقد الإذعان هو عقد حقيقي يتم بتوافق إرادتين ويخضع للقواعد التي تخضع لها سائر العقود وإن القول بأن أحد المتعاقدين ضعيف أمام المتعاقد الآخر هو ظاهرة اقتصادية لا ظاهرة قانونية وهذا الرأي الذي ارتضاه نص القانون المدني السوري . في مواده /150-152/.
أما العقد الإداري فهنالك إجماع بين فقهاء القانون على اعتباره عقد من عقود القانون العام ولكون الإدارة طرفا في العقد واستناده إلى أحكام القانون العام .
الفرق بين عقد الإذعان والعقد الإداري
ومن خلال إجراء المقارنة بين مفهومي العقدين  نجد بأن:
1. العقد الإداري يجب أن يكون أحد أطرافه شخص من أشخاص القانون العام ، أما عقد الإذعان فإنه يتم بين طرفين قد يكون أحدهما شخص من أشخاص القانون العام  وقد لايكون كذلك  مثال (عقود شركات التأمين المنحصرة بيد الدولة ).
2.إن  الإدارة  تتجه عند إبرام عقودها الإدارية إلى الاخذ بأحكام القانون العام بخلاف عقد الإذعان الذي يستند إلى نظام العقد نفسه واللوائح والنظام الداخلي للمؤسسات المقدمة للخدمات.
3. محل العقد في العقود الإدارية  أوسع نطاقا منه في عقد الإذعان حيث يهدف إلى تسيير وتنظيم المرافق العامة لذلك فإنه يضم جميع العقود التي يكون محلها تنظيم وإدارة المرافق العامة .أما عقد الإذعان يكون محله تقديم خدمة أو مرافق تعد من الضروريات للمستهلكين أمثال التعاقد مع شركات أو مؤسسات الكهرباء وعقد النقل بوسائلها المختلفة كالباخرات والسكك الحديدية .
4.العقد الإداري  بوصفه عقدا إداريا فإنه يتطلب وجود شروط استثنائية غير مألوفة في العقد المدني .بخلاف عقد الإذعان الذي يتصف بكونه عقدا من العقود المدنية وفقا  لتصنيفه وفقا لأحكام القانون المدني السوري .فإنه يتحرر من القاعدة السابقة وتبقى الشروط العامة للعقد واحدة لدى المؤسسات المقدمة للخدمات …
5.إضافة إلى أن الموجب في عقد الإذعان تنحصر حريته في القبول أو رفض الإيجاب الصادر من الموجب دون أن يسبق ذلك إجراء المفاوضات والمناقشات بين المتعاقدين ، بينما العقد الإداري يسبقه مجموعة من المفاوضات تنتهي إما بإبرام العقد أو العدول عنه وذلك وفقا لما يقتضيه الصالح العام.
6.إن القابل في عقد الإذعان نظرا لأهمية السلعة أو الخدمة المقدمة ووجود حالة الاحتكار للسلعة الضرورية ، فهو لايملك  سوى القبول أو رفض التعاقد وقد يملك تعديل شروط العقد في حال كانت تعسفية وذلك عن طريق اللجوء للقضاء وهنا القاضي إما أن يقرر تعديلها أو أن يعفيه منها وفقا لماتقضيه العدالة ويقع باطلا كل اتفاق يقضي بخلاف ذلك ..و هذا ما أقرته احكام المادة /150/ القانون المدني السوري.
أما العقد الإداري فإن المتعاقد يحق له الرجوع عن إيجابه قبل صدور القبول من الإدارة في بعض العقود الإدارية ويحق له طلب فسخ العقد ضمن شروط محددة  والمطالبة بالتعويض عن الاضرار التي قد تصيبه في حال عدول الادارة عن إبرام العقد  ..
وأخيرا ولضمان التطبيق الصحيح لكلا العقدين فإنه لابد من وجود رقابة قضائية على توقيع وتنفيذ العقدين سواء أكان قضاء إداريا أم مدنيا …
بقلم المحامية أية البداوي 19- 5- 2013

Scroll to Top