التوقيف الاحتياطي
يعرف الفقهاء التوقيف الاحتياطي بأنه إجراء استثنائي يسمح لقضاة النيابة العامة والتحقيق والحكم كلٌ فيما يخصه أن يصدر أمراً بوضع المتهم في السجن لمدة محدودة خلال فترة التحقيق وقبل صدور قرار نهائي بالدعوى بناء على أدلة كافية وأسباب موجبة لهذا الأمر.
وبهذا فالتوقيف الاحتياطي ليس عقوبة ولا يجوز النظر إليه كذلك وإنما هو إجراء استثنائي محاط بضوابط وضرورات معينة وبالتالي لا يجوز عند تقريره النظر إلى نوع الجريمة أو جسامتها وإنما إلى ضرورته والحاجة إلى اتخاذ مثل هكذا إجراء وبالتالي فليس كل من نسب إليه ارتكاب جريمة في مستوى معين من الخطورة يجب أن يوقف حتى ولو كانت عقوبته الإعدام فلابد لكي تسلب من شخص حريته أن تكون هناك دلائل كافية ضده بارتكاب الجريمة وهنا يبرز دور القاضي بالمقارنة بين أدلة الدفاع وأدلة الاتهام والترجيح بينهما ويجب على القاضي عند تقريره التوقيف أن ينظر إلى الأدلة المتوفرة لديه وإلى الحاجة إلى التوقيف لا أن ينظر إلى نوع الجريمة و عقوبتها لأن قرار التوقيف يجب أن يرتكز على أدلة كافية للإدانة وليس مجرد اتهام شخص بجرم خطير كافياً لتوقيفه كما يجب على القاضي تسبيب قراه بالتوقيف لأن سبب التوقيف يضع على القاضي مصدر القرار رقابة ذاتية ببحثه عن أسباب حقيقية مطالب بها تدعوه للتوقيف كما أنه يتيح للمحكمة التي يستأنف أمامها قرار التوقيف الرقابة عليه بشكل جدي و مؤثر ولكن للأسف في أيامنا هذه وبنظرة سريعة للقضايا المعروضة أمام القضاء يلاحظ تحول التوقيف من تدبير احترازي إلى عقوبة ومن استثناء إلى قاعدة ومن ضرورة إلى حاجة فالتوقيف طويل المدة و الخارج عن غايته يفقد العدالة معناها فإذا صدر قرار المحكمة النهائي بالإدانة وكان توقيف المتهم قد استغرق العقوبة فتفقد العقوبة أثرها ووظيفتها و غايتها وإذا صدر قرار بالبراءة بعد التوقيف طويل فيأتي القرار موجباً للمجتمع والفرد ولا سيما وأن المشرع لم ينص على تعويض عن التوقيف الاحتياطي غير المبرر.
نود نهاية ًأن ننوه إلى أن إطلاق سراح المتهم لا يعني البراءة ولا يعني ضياع حقوق الجهة المدعية إنما هو إجراء أولي لابد منه ونود أن نذكر بقول الرسول الكريم (ص) ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ بالعقوبة
بقلم المحامي محمد عماد الصفرة 3-4-2013