التوقيع على بياض
التوقيع على بياض يمكن أن يكون أو يمكن اعتباره أحد أمرين :
تفويض للشخص المسلمة إليه الورقة الموقعة على بياض تخوله تملئتها وفق ما يشاء وبالتالي يمكن له بناء على ذلك ملئ الورقة الموقعة على بياض بما يشاء ووفق رغباته ومصلحته و بالتالي يكون فعله هذا مباح ولا يمكن للشخص الموّقع أن يحتج عليه بأي شيء
ائتمان أؤتمن عليه هذا الشخص المستلم للورقة الموقعة على بياض ليقوم بتملئتها وفق إرادة موقعها أو بالاتفاق الجاري بين الطرفين (كأن يكون نتيجة عمل ما ,أو أي التزام قانوني اتفق عليه الطرفان) وبالتالي فإن إساءة الاستعمال لهذه الورقة الموقعة على بياض و تملئتها بغير ما اتفق عليه يعتبر جرماً معاقب عليه بقانون العقوبات . وسنتناول في هذا المقال الحديث عن هذه الحالة الثانية وهي إساءة استعمال التوقيع على بياض باعتباره جرماً معاقباً عليه .
إن هذا الفعل يشكل جرم التزوير المعاقب عليه بالمادة 446من قانون العقوبات إلا أن بعض الفقهاء يعتبر هذه الواقعة تشكل جرمين معاً هما التزوير المنوه عنه أعلاه وإساءة الائتمان على اعتبار أن الشخص الموقع على هذا السند أو الورقة كان قد ائتمن الفاعل على السند أو الورقة الموقعة على بياض فخان الأمانة عندما قام بتدوين بيانات مخالفة لإرادة المجني عليه.
وهذه الورقة الموقعة على بياض تتخذ شكلين غالبين :الشكل الأول أن تكون الورقة فارغة و لا تحمل سوى توقيع المجني عليه والشكل الثاني أن تحمل الورقة بعض البيانات و لكن ترك بينهما فراغات لإملائها ببيانات معينة كما هو الحال في الوكالة المطبوعة أو في السندات مثلاً حيث تكون مطبوعة و جاهزة و تسلم للدائن أو الأمين فيقوم بوضع اسم غير الاسم المتفق عليه أو مبلغاً غير المبلغ المتفق عليه مثلاً
ويجب لقيام هذا الجرم أن يكون الفاعل قد استلم هذه الورقة من المجني عليه على سبيل الأمانة ليقوم بتملئتها وفق ما اتفقا عليه وبالتالي لا يطبق هذا الجرم على من سرق أو اختلس أو حصل على الورقة دون علم المجني عليه ومن ثم قام بتملئتها دون علمه ورضاه لأن أساس هذا التسليم هو الثقة والأمانة التي منحها المجني عليه للجاني كما لا يطبق هذا الجرم أيضاً فيما لو فقدت هذه الورقة من الشخص المسلمة إليه والمؤتمن عليها أو سرقت منه وقام من وجدها بتملئة بياناتها
ويجب أيضاً لقيام هذا الجرم أن تكون البيانات التي دونها الفاعل في الورقة المسلمة إليه تخالف مضمون ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين سواء مخالفة كلية أو جزئية
وأخيراً يعتبر هذا الجرم واقع لمجرد تدوين الفاعل لهذه البيانات حيث لا يشترط لوقوع الجرم أن يستعملها بعد هذا التدوين في أمر ما , لأن الجرم يقع سواء استعملها أم لم يستعملها.
بقلم المحامي محمد عماد الصفرة
10/ 9 /2013